الرئيسية مقالات سرقة الضوء… عندما يصنع البعض مجدهم من تعب الآخرين؟

سرقة الضوء… عندما يصنع البعض مجدهم من تعب الآخرين؟

303
0

بقلم: كمال فليج _ الجزائر

في زمنٍ تتكاثر فيه الأقنعة وتختلط فيه القيم، لم يعد النجاح دليلًا على الجهد، ولا الإنجاز شاهدًا على صاحبه. فهناك من يسير في النور، وهناك من يسرق هذا النور ليوهم الناس بأنه مصدره. وهكذا تُصنع أمجادٌ زائفة من تعب الآخرين، وتُشيَّد نجاحات هشة على ظهور من عملوا بصمت وإخلاص.

الاستغلال ليس مجرد سلوك طارئ، بل منظومة يتقنها من اعتادوا استثمار تعب غيرهم.
تعمل أنت… وينسب هو.
تفكّر أنت… ويظهر هو في الصورة.
تجتهد أنت… ويعتلي هو المنصّة.
هكذا يتم تحويل الجهد البشري إلى غنيمة، وكأن ما تبذله ملك متاح لكل من يجيد انتزاعه بمهارة أو دهاء.

الاستغفال لا يحتاج صراخًا ولا مشاحنات؛ يكفي أن تمنح ثقتك، فيحوّلها الآخر إلى منفذ ينهب منه تعبك.
إنه فعل ناعم… لكنه موجع.
فمن المؤلم أن ترى أفكارك تمشي على لسان غيرك، وأن تشاهد ما بنيته يُعلن عنه شخص آخر دون أن يرفّ له جفن.
إنها جريمة بلا ضجيج، لكنها قادرة على إطفاء طاقة المبدع وإخماد عزيمته.

ليس كل من صعد… ارتقى. بعض الصعود يحدث على حساب الآخرين، فوق أكتافهم، وبعرقهم وذكائهم.
لكن المفارقة أن هذا النوع من النجاح هشّ؛ يلمع سريعًا لكنه ينطفئ أسرع، لأن صاحبه لا يملك جذور الجهد ولا أساس الإبداع.
فالنجاح الحقيقي يحتاج روحًا، بينما النجاح المصنوع من السرقة يحتاج قناعًا… وكل الأقنعة تسقط مهما طال الزمن.

عندما تتغاضى مؤسسة أو بيئة عمل عن سرقة الجهد، فإنها تعطي رسالة واضحة: الإخلاص لا يهم… ما يهم هو الظهور.
وهكذا يخفت ضوء المبدعين، ويعلو صوت المتسلقين، فيتحول المكان إلى بيئة طاردة لأي كفاءة حقيقية.

فيالختام الضوء يُسرق… لكنه لا يُمتلك .

يمكن للبعض أن يسرق أفكارك، أن يستولي على تعبك، أن يبني نجاحه على خطواتك.
لكن لا يمكن له أن يسرق قدرتك، ولا موهبتك، ولا نقاء نيتك، ولا استمراريتك.
فالضوء الذي يُسرق يظل مؤقتًا… أما الضوء الذي يصنعه الجهد الصادق فثابت، لا يخبو، ولا يحتاج إذنًا ليشرق.