الرئيسية مقالات يوم الحساب… قصيدة تبكي القلوب وتوقظ الأرواح

يوم الحساب… قصيدة تبكي القلوب وتوقظ الأرواح

46
0

 

✍️:بقلم: الإعلامي / صالح الزهراني – منطقة الباحة

مقدمة تعريفية عن الشاعر جابر الخريصي

الشاعر جابر الخريصي أحد الأصوات الشعرية البارزة التي تجمع بين قوة الحكمة وصدق الإحساس، شاعر يكتب بضميرٍ حيّ وروحٍ تعي قيمة الكلمة وتأثيرها.

تميز الخريصي بأسلوبه القريب من القلب، وصوره العميقة التي تلامس الوجدان دون تكلف، إضافة إلى تمكنه من المزج بين النصيحة والموعظة والبلاغة الشعرية بأسلوب مؤثر يترك أثرًا لا يُنسى

يمتلك الخريصي قدرة نادرة على صياغة الشعر الوعظي بلغة شعرية جميلة، فيها من الإحساس ما يكفي ليهزّ القلب، ومن الحكمة ما يشعل وعياً داخليًا، ومن الصدق ما يجعل قارئه يشعر أن القصيدة خُطّت لأجله هو

قصيدة “يوم الحساب” مثال بارز على هذا العمق الإيماني والقدرة الأدبية الفريدة.

يوم الحساب… حين يتحول الشعر إلى مرآة صادقة تُبكي القلوب وتوقظ الوعي

في هذا العالم المزدحم بالتفاصيل، المليء بالمشاغل، المحمّل بالفتن… يحتاج الإنسان إلى نص يعيده إلى ذاته، يعيد ترتيب أولوياته، ويذكره بأن العمر رحلة قصيرة وأن النهاية ليست بعيدًا كما نظن.

قصيدة يوم الحساب للشاعر جابر الخريصي جاءت كرسالة مباغتة للروح، رسالة تحمل في كل بيت منها نورًا يوقظ الغافل، ودفئًا يجبر القلب، وصدقًا يقترب من الدمع أكثر مما يقترب من الحبر.

حكمة البداية… ضربة تلامس القلب قبل العقل

يفتتح الشاعر نصّه بالبيت المزلزل:

«كلٍ على فعله تجازيه الأيام»

وهنا يقف القارئ أمام حقيقة لا تحتاج شرحًا:

أنت مسؤول… والدنيا مرآة… والزمن يمهل لكنه لا يهمل.

بيتٌ يُشعر الإنسان أن الخطأ ليس نهاية الطريق، لكنه بداية الحساب.

مشهد القيامة… تصوير يبكي القلوب قبل العيون

حين يصل القارئ إلى قوله:

«تطوى الصحف لابد وتجف الأقلام»

لا يعود النص شعرًا… بل يتحول إلى مشهد يشاهده القلب.

هذه أبيات تقف عند آخر لحظة في الدنيا… وتبدأ منها رحلة الآخرة، رحلة كشف الستور، وظهور الحقيقة، وتوقف الأعذار.

نداء الإنسان… صوت رحيم وسط رهبتة المشهد

«يا الآدمي لا تخدعك كثر الأوهام»

هنا لا يعاتب الشاعر بقدر ما ينصح…

ولا يخوّف بقدر ما يحنو…

نداء مشفق، يخشى على القارئ من غفلة تُثقِل القلب وتُبعده عن الطريق

«يارب حفظك قبل ما تزل الأقدام»

بيتٌ يذكّر بأن الرحمة تسبق العذاب، وأن باب الله مفتوح، وأن النجاة ممكنة ما دام في العمر وقتٌ للتوبة والرجوع.

الفخر بالإسلام… لحظة نور في قلب القصيدة

يقول الشاعر:

«سبحانه اللي عزنا بعز الإسلام

ومكة وطيبة قبلة اثنين مليار»

بيتان ينتقلان بالقارئ من رهبة الحساب إلى عزّة الانتماء…

من الخوف إلى الفخر…

من ضعف الإنسان إلى قوة الدين.

وتلك مهارة شعرية لا يتقنها إلا شاعر يعرف أين يضع النور وسط الظلام.

«التوبة التوبة ترى الوعد قدّام»

تكرار الكلمة ليس أسلوبًا شعريًا فقط… إنه “رجفة” روح.

وكأن الشاعر يصرّ على أن يسمع القارئ هذه الحقيقة قبل فوات الأوان

«واجه ظروف الوقت مهما الزمن جار»

بهذا البيت، يربط الشاعر بين العمل للآخرة والثبات في الدنياء

(خلاصة المقال)

قصيدة يوم الحساب عملٌ يلامس الروح قبل أن يلامس السمع، نص يبكيك لأنه يعيدك إلى نفسك، ويجعلك تعيش لحظة صدق قد لا تمنحك إيّاها الحياة كثيرًا.

أما الأداء المتقن للمبدع راشد عبدالرحمن فقد منح النص جناحًا إضافيًا من الشعور والخشوع.

قصيدة تستحق القراءة… وتستحق أن تبقى… وتستحق أن تُنشر على أوسع نطاق لما فيها من نورٍ وبركة ومعنى.

ودمتم في خيراً دايم