الرئيسية مقالات سنمضي حيث نشاء بلا إستسلام

سنمضي حيث نشاء بلا إستسلام

55
0

 

ا/محمد باجعفر

جازان /صدى نيوز إس

سنمضي حيث نشاء، لا لأن الطريق مفروشا باليقين، بل لأننا تعلّمنا أن نصنع يقيننا بأقدامنا المتعبة وإصرارنا الذي لا يلين. سنمضي ونحن نحمل أحلامًا كبرت في صدورنا رغم الخذلان، أحلامًا تعثّرت مرارًا، لكنها لم تنكسر، تأخرت، لكنها لم تمت. نعرف جيدًا أن الأحلام لا تتحقق دفعة واحدة، بل تُنتزع انتزاعًا من قلب التعب، من صبر الليالي الطويلة، ومن إيمانٍ عنيد لا يراه إلا صاحبه.

سنمضي لأننا نؤمن أن النجاح لا يأتي صدفة، ولا يطرق أبواب المتفرجين، بل يختار من يواصل السير حتى حين يفقد التصفيق، من ينهض بعد كل سقطة وكأنها أول مرة، من يزرع في دربه أملًا ولو كان وحيدًا. النجاح يزهر حين يُسقى بالعمل، وحين يُحاط بالصبر، وحين يُحمى من اليأس كما تُحمى النار من الريح. وقد تعلّمنا أن كل خطوة صادقة، مهما بدت صغيرة، تقرّبنا أكثر مما يفعل ألف تراجع خائف.

وفي الطريق، سيظهر المتطفلون. لا لأنهم أقوياء، بل لأن الفراغ يدفعهم إلى التطفل على نجاح غيرهم. سيقفون على الهامش، يوزّعون السخرية كما لو كانت رأيًا، ويخفون عجزهم خلف ضحكة مستهلكة وكلمة ناقصة. سيحاولون التقليل، التشويش، كسر المعنويات، لا لأننا أخطأنا، بل لأننا تجرأنا على الحلم أكثر مما يحتملون. هؤلاء لا يمشون، بل يراقبون. لا يزرعون، بل يحصون ما لم يزرعوه.

سيبقون كالظل، لا يُرى إلا في وجود الضوء، ولا معنى له دون من يقف أمامه. يرقصون في مسرح الأوهام، يؤدّون أدوارًا محفوظة، يصفقون لبعضهم بعضًا، ويظنون أن الضجيج يصنع أثرًا. أما نحن، فلا وقت لدينا لمشاهدة هذا العرض الباهت. نحن في جهة أخرى، حيث الصمت عمل، وحيث التعب إنجاز مؤجّل، وحيث الطريق يُعرف بالخطوات لا بالكلام.

نكتب قصيدة الغد، لا بالحبر، بل بالأفعال. نكتبها حين نختار الاستمرار بدل الاستسلام، وحين نؤمن بأن ما نريده يستحق أن نصل إليه مهما طال الزمن. نكتبها حين نصمت عن الرد، ونترك النتائج تتكلم، وحين نراكم نجاحًا فوق نجاح دون أن نلتفت للضجيج في الخلف. قصيدتنا لا تُلقى على المنصات، بل تُقرأ في تفاصيل حياتنا، في تغيّرنا، في نضجنا، وفي المسافة التي قطعناها بين الأمس واليوم.

سنمضي، حتى وإن تأخر الوصول، لأننا نعرف أن من يمشي بإرادته يصل، وأن من عاش أسير آراء الآخرين لن يغادر مكانه أبدًا. سنمضي بأحلامنا، بوعينا، وبقناعة راسخة أن الطريق لنا، وأن الغد يُكتب بأيدينا وحدنا، وأن النجاح الحقيقي لا يحتاج شهودًا… يكفيه أن يكون حقيقيًا.