بقلم /
ماجده مرزوق الجهني:
مكة المكرمة:-
في زمن تتسارع فيه التحولات التعليمية وتتغير فيه مفاهيم النجاح، تبرز فئة ملهمة من الطالبات اللواتي تجاوزت أعمارهن العشرين عامًا، ويواصلن دراستهن في المرحلتين المتوسطة والثانوية بانتظام والتزام. حضورهن اليومي في المدارس ليس مجرد استكمال لمسار تعليمي متأخر، بل هو رسالة واضحة بأن الطموح لا يرتبط بعمر، وأن الرغبة الصادقة في التعلم قادرة على كسر كل الحواجز الزمنية والاجتماعية. هذه التجربة التعليمية أصبحت حديث المنصات ومحل تقدير المجتمع، لما تحمله من معانٍ عميقة عن الإرادة والوعي والمسؤولية.
أولًا: فئة تعليمية تتحدى الصورة النمطية
تمثل الطالبات الكبيرات في العمر نموذجًا مغايرًا للصورة التقليدية للطالبات في التعليم العام، حيث عدن إلى مقاعد الدراسة أو واصلن مسيرتهن التعليمية بعد انقطاع أو تأخر، مدفوعات بإيمان راسخ بأن التعليم حق لا يسقط بالتقادم. هذا التحدي للصورة النمطية عزز من حضورهن المجتمعي، وجعل قصصهن محل اهتمام وإشادة.
ثانيًا: دوافع متعددة وهدف واحدتتنوع
دوافع هذه الفئة بين الرغبة في تحسين المستوى العلمي، والسعي للحصول على فرص وظيفية أفضل، وتحقيق الاستقلال الذاتي، إلى جانب كون التعليم وسيلة لإثبات الذات وبناء مستقبل أكثر استقرارًا. وعلى اختلاف الدوافع، يبقى الهدف المشترك هو إكمال التعليم والانطلاق نحو مراحل أعلى بثقة وطموح.
ثالثًا: أثر إيجابي داخل البيئة المدرسية
وجود الطالبات الكبيرات في المدارس أوجد بيئة تعليمية أكثر نضجًا وتعاونًا، وأسهم في رفع مستوى الانضباط والدافعية لدى بقية الطالبات. كما أن التزامهن وانعكاس خبراتهن الحياتية داخل الفصول الدراسية شكّل عامل إثراء للعملية التعليمية، ورسخ قيم المثابرة والجدية.
رابعًا: دعم تعليمي يعزز الاستمرارية يشدد مختصون تربويون على أهمية توفير بيئة تعليمية داعمة لهذه الفئة، من خلال المرونة التنظيمية، والدعم الإرشادي، وتعزيز الجوانب النفسية والاجتماعية، بما يسهم في استمرارهن وتحقيق النجاح الأكاديمي المنشود.
إن قصة الطالبات فوق العشرين في المرحلتين المتوسطة والثانوية ليست مجرد ظاهرة تعليمية عابرة، بل هي نموذج حي لقوة الإرادة وصدق العزيمة. تجربة تؤكد أن مقاعد الدراسة تتسع لكل من يطرق بابها بإيمان، وأن العمر لا يشكل عائقًا أمام من قرر أن يصنع مستقبله بيده. فهؤلاء الطالبات يرسمن رسالة أمل مفادها أن البدايات الجديدة لا ترتبط بزمن، وأن التعليم يظل الطريق الأصدق للتمكين والنجاح.






