الرئيسية مقالات ذكريات لا تنسى الكيكة التركية والسحلب

ذكريات لا تنسى الكيكة التركية والسحلب

5
0

 

في حياتنا مواقف لا نستطيع نسيانها مهما طال الزمن، لأنها لحظات سعادة رائعة، من هذه الذكريات الجميلة التي دخلت ذاكرتي ذكرى طازجة جداً حدثت معي بالأمس القريب وقد جعلني جمالها أن أشعر بحاجتي اليها أولاً، وبحاجتها لي كي أوثقها ثانياً.

تحديداً في ليلة أمس، شعرت بأنها ليلة طويلة بسبب ظرف الّم بي، إذ زارني أرق أبى أن يفارقني، وبينما أنا أجلس قرب النافذة المطلة على شارع بيتنا الذي كان يشهد هطول مطر غزير، كان البيت ساكناً لا حراك به أو صوت،، والكل نائم أو مشغول بشيء يجول برأسه، أما أنا، جالت في رأسي ذكرى جميلة حدثت معي قبل سنوات في ليلة ماطرة كان طقسها يشبه طقس هذه الليلة، إذ كنت أجلس مع والدتي التي هي صديقة وأخت ونبض القلب، وكنا (وما نزال) نعشق الشتاء، بينما كنا نتبادل معاً الحديث قلت لها ما رأي ماما لو نخرج الأن لنستمتع بمنظر المطر؟ وفعلاً، لم نرى أنفسنا الا ونحن نقف معاً تحت المطر، فمشينا والضحكات تجمعنا، ما أجمل الشوارع المضيئة مع رذاذ الغيث، ساقتنا الأقدام الى محل لبيع الحلويات إعتدت دخوله سابقاً بدليل أن صاحبه يعرف طلبي الدائم، وبمجرد أن يرآني حتى يسارع لتجهيز قطعة الكيك التركية الشهية، ولما تم تجهيز الكيكة ووضعها على طاولتي المفضلة التي تطل على الشارع العام الا وبدأنا أنا وماما نلتهمها مستمتعين بمنظر المارة والسيارات التي تمر من أمامنا، بعد ذلك، خرجنا لنعاود الرجوع الى البيت مشياً وتحت المطر، كعادتي، أحب عيش اللحظة بكل ما فيها من مرح وعفوية وتبسم دون تكلف، لكن، حين نظرت الى أمي ورأيت ملابسها مبللة مثلي ابتسمت ولما رأيت أنها بمنتهى السعادة ابتسمت أكثر، كانت قطرات الماء تنزل على خديها كأنها لؤلؤ ، وكان بخار الماء يتصاعد من فمها حين تتحدث معي كأنها رسائل دافئة، أما أجمل لقطة، فكانت لما أمسكت أمي بيدي وبدأت تهرول بالشارع، مما جعلني أرشق بقدمي برك الماء الصغيرة ضاحكة من جمال المنظر، هذه هي التي كانت من أروع لحظات العمر التي لا يمكن أن تنتسى، هذه هي الذكرى التي أردت أن أوثقها والتي لطالما تمنيت أن لا تنتهي أبداً، مشينا نتبادل الضحكة وأحاديث المرح دون أن نتعب أو نمل يا الله كم جميلة هذه الذكريات وكم أتمنى لو تتكرر ثانية.

 

المهم، خرجنا في ليلة الأمس مرة أخرى تحت المطر، ودون هرولة هذه المرة، وبعد أن قطعنا مسافة ليست بقصيرة، فإذ أسمع صوت أمي يناديني برقة وحنان هلمي بنا نشرب كوباً من السحلب الساخن مع المكسرات والقرفة وحبات الزبيب، لم تنسى أمي أني مثلها، أحب في الأجواء الماطرة إحتساء السحلب الساخن أيضاً، احتضنتها وأنا أحس أن الغمرة كلها حب وأمان، وأني أسعد مخلوقة على وجه الأرض،.. تمتمت حينها في سري، الحمد لله على وجودي مع ماما، أغلى ست حبايب في دنياي.

.

.غزل احمد المدادحة

١٢/١/٢٠٢٥

الاحد

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا