بقلم: …محمد أبوحريد
في كل مرحلةٍ تاريخية تُقرِّر فيها الدول أن تنتقل من إدارة الواقع إلى صناعته، ومن ردّ الفعل إلى الفعل المؤثّر، يظهر على الهامش ضجيجٌ مألوف؛ أصواتٌ لا تعارض بفكر، ولا تنتقد برؤية، بل تصرخ لأن القطار تحرّك دون أن ينتظرها، وتنبش لأن الزمن تجاوزها، وتلبس عباءة «الحرية» لا لتخدم الحقيقة، بل لتتكسّب من الفوضى.
لسنا أمام إعلامٍ مختلف معه، بل أمام فراغٍ متكلّم، حسابات وهمية ومنصات متخفية، ادّعت المهنة ولم تمارس شرفها، ورفعت شعار الحرية بينما هي أسيرة المموّل، تتبدّل لهجتها بتبدّل الأوامر، وتغيّر خصومها بتغيّر التحويلات.
الحرية حين تُنزَع منها الأخلاق
الحرية — في قاموس هؤلاء — أن تلوك اسم المملكة العربية السعودية كلما احتجت إلى تفاعل، وأن تستدعي قادتها كلما ضاق بك الضوء، وأن تحوّل النقد إلى قذف، والتحليل إلى تحريض، والرأي إلى شتيمة.
لكن الحرية الحقيقية — كما تعرفها الدول الراسخة — لا تنفصل عن المسؤولية، ولا تُمارَس خارج الأخلاق، ولا تُستخدم أداةً لتشويه الأوطان أو النيل من الرموز.
وحين تتحول الحرية إلى سبّ، فهي لا تصبح جرأة، بل إعلان إفلاس أخلاقي وفكري.
إعلام بلا معايير… وصحافة بلا شرف
الإعلام ليس عدد المتابعين، ولا ارتفاع الصوت، ولا سرعة النشر، بل مصداقية، ومصدر، ومسؤولية.
أما هذه الحسابات، فلا مصادر لديها إلا الظن، ولا أدوات إلا الإثارة، ولا هدف إلا البحث عن الشهرة عبر بوابة التحريض.
هي لا تصنع رأيًا عامًا، بل تؤدي وظيفة مؤقتة في سوق الكراهية، تُدار من خلف الستار، وتُغذّى بالمال، وتُستهلك ثم تُرمى.
وحين تُسأل عن المبدأ، تلوذ بالصمت، وحين تُحاصَر بالحقيقة، ترفع الصوت.
محمد بن سلمان… حين يصبح الإنجاز عقدة
ثم نصل إلى الاسم الذي تحوّل عندهم من شخصية سياسية إلى عقدة مزمنة:
سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز — حفظه الله.
هم لا يستهدفونه لأنه أخطأ،
ولا لأن مشروعه تعثّر،
بل لأنه نجح حيث فشلوا، وتقدّم حيث تراجعوا، وصنع واقعًا ألغى حاجتهم كوسطاء وضجيج.
محمد بن سلمان ليس رجل شعارات، بل رجل أرقام.
ليس خطيب منابر، بل مهندس تحوّلات.
ليس مشروع صورة، بل مشروع دولة.
ولهذا يحترقون.
ولهذا يصرخون.
ولهذا يهاجمونه بغير حجة، لأن الإنجاز حين يعجزون عن مجاراته يتحوّل عندهم إلى جريمة.
من الرياض تُدار المعادلات
في عالم السياسة، لا تُقاس الدول بعدد التغريدات، بل بثقل القرار.
واليوم، شاء من شاء وأبى من أبى، أصبحت الرياض عاصمة القرار في ملفات الطاقة، والاقتصاد، والاستقرار، والتوازنات الدولية.
قرارات تُناقَش في الرياض…
تُصاغ في الرياض…
ثم تُنفَّذ في عواصم أخرى بلا تردد.
ليس استعلاءً، بل واقع فرضته المصالح، والتحالفات، والقدرة على الفعل.
ولهذا تُستهدف المملكة، لا لضعفها، بل لقوتها.
الدفاع عن السعودية… قناعة لا تعبئة
الدفاع عن المملكة العربية السعودية لم يكن يومًا حالة انفعال عاطفي، ولا حملة منظّمة، بل وعي جماعي.
دافع أبناؤها لأنهم يرون الحقيقة على الأرض.
ودافعت دول الخليج لأن المصير واحد.
ودافع كثير من العرب والمسلمين لأن السعودية لم تخذل قضاياهم.
بل حتى في الغرب، دافعت دوائر عقل لأن السياسة تُدار بالوقائع لا بالأوهام.
هذا الدفاع لم يُفرض، بل وُلد من القناعة، لأن الدولة التي تُنجز لا تحتاج إلى من يصرخ نيابةً عنها.
الدين أولًا… ثم القيادة… ثم الوطن
المملكة العربية السعودية ليست كيانًا طارئًا، بل دولة قامت على عقيدة وبيعة وشرعية.
خدمة الحرمين شرفها،
وحماية التوحيد مسؤوليتها،
والاستقرار مبدأها.
ومن لا يفهم هذه المعادلة، لن يفهم السعودية، مهما كتب، ومهما شتم، ومهما ادّعى.
الخاتمة
الدول لا تسقط بالتغريدات،
ولا تُهزم بالشتائم،
ولا تُدار بالحسابات الوهمية.
السعودية تمضي بثبات،
وقيادتها تعمل بعقل الدولة،
وشعبها يعرف أين يقف.
أما أولئك…
فسيبقون ضجيجًا على الهامش،
يكتبون كثيرًا،
ولا يغيّرون شيئًا.
فالتاريخ لا يحفظ أسماء من نبحوا،
بل أسماء من بنوا.






